“العصيان و الأحجار تستطيع تكسير عظامي ، لكن الكلمات لا تستطيع فعل ذلك.”
أم يمكنها فعل ذلك؟
الـتأثيرات المدمرة للتنمر في المدارس مدونة بشكل رسمي , فبعض المبادرات مثل مبادرة : شهر الوقاية من التنمر الذي أقيمت على مستوى الدولة كردة فعل , لكن التنمر في المنازل مثلما يحدث دائماً من بعض الأقارب قد يكون أمراً منسياً و غير موضوع في عين الاعتبار, كنظرة عامة هذا يقلل من الضرر الكبير التي تسببه تجربة كهذه , فكما يبدو أن ضرر هذا الأمر قد يكون أعمق و أكثر تأثيراً عما كان معروف من قبل , ففي دراسة حديثة نشرت في جامعة ورويك في مجال علم النفس العلاجي the University of Warwick in Psychological Medicine يتضح أن الناس الذين يتعرضون للتنمر من أقاربهم مثل الأطفال هم عرضة أكثر من غيرهم للإضطرابات النفسية في حياتهم المستقبلية , وهي الدراسة الأولى من نوعها التي تبحث في العلاقة بين التنمر من الأقارب و ما يترتب عليه من إحتمالات عالية من الإضطرابات الذهانية.
الإضطرابات الذهانية تتصف بعدم القدرة على التفكير السليم و عدم القدرة على الحكم الصحيح على الأشياء بالإضافة إلى خلل في التصرفات، هذا وفقاً لموقع ويب ميد , فتلك الإضطرابات دائما ما تكون مصحوبة بإختلال الفكر، التخيلات، الضلالات في التفكير , هؤلاء المصابون يعانون يومياً من صعوبة قدرتهم على إكمال مهام يومهم الطبيعية ، و في بعض الحالات الشديدة يعاني المصابون بشعور متواصل من الهياج العصبي و التفكير في الانتحار.
طبقاً للأبحاث التي نشرتها الصحافة، فإن د.دايتر والك Dr. Dieter Wolke هو المسؤول عن هذه الدراسة التي تمت في قسم علم النفس بجامعة وارويك بإنجلترا , فقد تم إختيار ما يقرب من 3600 طفل للإشتراك في هذه الدراسة و قد تم إختيارهم ضمن الدراسة الطولية التي تمت على الوالدين و الأطفال و التي شهدت ميلاد دراسة تدرس عمق حوالي 14.000 طفل منذ مولدهم و خلال أول سنتين من عمرهم , و قد قام المشاركون في التجربة بملء استبيان خاص بموضوع التنمر من قبل الأقارب عند عمر الثانية عشر، ثم تم فحص هؤلاء المشاركين عن كثب لاكتشاف أي شكاوى أو علامات إضطرابات ذهانية عند عمر الثامنة عشر.
من ضمن كل المشاركين في التجربة، 664 (18.4%) صنفوا أنفسهم بأنهم يعدون ضحايا للتنمر من قبل الأقارب ، 486 (13.5%) من المشاركين إعترفوا بأنهم يقومون بالتنمر على أقاربهم ، بينما 771 (21.4%) من المشاركين قد صنفوا أنفسهم بأنهم تعرضوا للتنمر من قبل الأقارب كما إعترفوا أنهم يقومون بنفس الأمر تجاه أقاربهم , 55% من إجمالي عدد المشاركين في الدراسة قد تم تشخيصهم بإضطرابات ذهانية عند عمر ال 18.
طبقاً لدراسة دكتور (والك)، يعتبر أهم عامل مؤثر على نتيجة تلك الدراسة هو معدل المرات التي يتعرض فيها الفرد للتنمر من قبل أقاربه , حيث تشير الدراسة أن كلما زاد معدل إنخراط الفرد في التنمر (بأي طريقة: سواء كان ضحية للتنمر أو القائم به أو الاثنين معا) كلما كان عرضة أكثر للإضطرابات النفسية , علاوة على ذلك، إن المشاركين الذين صرحوا بأنهم تعرضوا للتنمر من الأقارب- سواء ضحايا لذلك الفعل أو قائمين به تجاه الآخرين- مرات عدة خلال الأسبوع أو الشهر، هم عرضة مرتين لثلاث مرات أكثر من غيرهم للإضطرابات الذهانية .
وجدت الدراسة (من هم ضمن المشاركين) أن نسبة حدوث الأمراض النفسية و العقلية غير متساوية بين هؤلاء الذين وقعوا ضحايا للتنمر من الاقارب و هؤلاء الذين وقعوا ضحايا بالإضافة إلى ممارستهم للتنمر أيضاً ضد أقاربهم , كما وجدت الدراسة أيضاً أن المشتركين الذين تعرضوا للتنمر من أكثر من مصدر (على سبيل المثال: في البيت و في المدرسة) هم أربع مرات أكثر عرضة من غيرهم للأمراض النفسية أكثر من هؤلاء الذين لم يتعرضوا للتنمر على الإطلاق , و هذا يقودنا إلى أن الطفل الذي يتعرض للتنمر في البيت و المدرسة لا يجد أي من الأماكن يشعر فيها بالأمان.
و قد فسر دكتور (والك) نتائجه موضحاً: ” التنمر من الأقارب و إعتباره صدمة نفسية تؤدي إلى أمراض نفسية و عقلية فادحة أمراً قد كان متجاهلا بصورة كبيرة حتى وقت قريب … فالأطفال يقضون وقتاً لا بأس به مع أقاربهم في ظل التجمعات الأسرية و إذا شعر الأطفال بالتنمر أو الاستبعاد ، فإن هذا يؤدي إلى دمار إجتماعي و شعور بالندم و الإضطرابات العقلية.”
الأثر الكبير للتنمر على الأطفال من قبل أقربائهم على صحة العقل في حياتهم المستقبلية قد تم معرفته و تسجيله بشكل كبير , فقد وجدت الدراسة في جامعة (ديوك) أن الأطفال ضحايا التنمر يصابون بالإضطرابات النفسية بمعدلات أعلى مثل الخوف من الخروج للعامة، إضطرابات القلق و اضطرابات التوتر.
نتيجة لهذا و كرد فعل لنتائج تلك الأبحاث و الدراسات، فإن الباحثون يحرصون على أن يعرف الآباء و المهتمون بمجال الصحة النفسية من المتخصصين الآثار طويلة المدى على صحة الطفل النفسية و العقلية نتيجة التعرض للتنمر من قبل الأقارب. كما يشجعون أيضاً بذل الجهد للتوصل لأساليب تدخلية تهدف إلى الوقاية من التنمر من قبل الأقارب جنباً إلى جنب للوقاية من التنمر من قبل الأقران في المدارس.
هذا الموضوع مترجم عن bustle , للإطلاع على محتوى المادة الأصلية، اضغط هنا
ترجم هذه المادة : فريق مهجة