لأننا نحن البشر إجتماعيون بطبيعتنا فإن نوعية وكمية علاقاتنا مع الآخرين عامل حاسم في رفاهيتنا بشكل عام ، فالعلاقات التي توفر التواصل والدعم لها فوائد وقائية ، وتبين البحوث بإستمرار أن الدعم الاجتماعي والعاطفي له آثار إيجابية على العديد من مجالات الحياة , ويُعرّف الدعم الاجتماعي بأنه الحصول على الرعاية، الاحترام، والمحبة، من علاقة أو شبكة من العلاقات مع الالتزامات المتبادلة المتعلقة بالأخذ والعطاء ، إن الدعم الإجتماعي والعاطفي يقلل من فرص الإكتئاب للبالغين الذين يعانون من تجارب الطفولة السلبية ومن الأمثلة على هذه التجارب :
الإساءة اللفظية أو البدنية أو الجنسية , الخلل الوظيفي في الأسرة ، مثل: تعاطي المخدرات ، حبس أحد أفراد الأسرة ، الطلاق ، الانفصال الأبوي أو التعرض للعنف العائلي قبل سن الثامنة عشرة.
كما أن الدعم الإجتماعي والعاطفي أيضاً مهم جداً لمساعدة الناس على التعافي من الإضطرابات النفسية ، وهناك أنواع عديدة من العلاقات : الاجتماعية ، العائلية ، العمل و العلاقات الرومانسية ، وجميع هذه العلاقات لديها القدرة على إثراء حياتنا ، فهي قيّمة كما أنها معقدة جداً , فلا يوجد علاقة مثالية مهما قد يبدو لأولئك الذين ليسوا جزءاً منها بأنها مثالية ، إلا أن كل العلاقات لها تحديات وصراعات ، فكل علاقة هي مزيج من الصفات الصحية و غير الصحية , ومن أجل الاستمرار يجب الحفاظ على العلاقات ، ويتطلب ذلك المزيد من الاهتمام والجهد.
إن نوعية علاقاتنا مع الآخرين ليست إنعكاس للصحة النفسية والعاطفية فقط ، ولكن علاقاتنا تؤثر أيضا على رفاهيتنا النفسية والعاطفية , هذا هو أحد الأسباب التي تجعل العلاقات التي نختارها مهمة جدا.
ما الذي يجعل العلاقة صحية ؟
في العلاقات الصحية هناك ( المعاملة بالمثل ) أو التبادلية حيث يكون التوازن في الأخذ والعطاء , وهذا لا يعني أن تكون التبادلية متساوية تماماً في كل وقت ، ولكن بشكل عام العلاقات الصحية تكون متساوية إلى حد ما ، فكل طرف في العلاقة يعطي أشياء معينة – بما في ذلك الوقت والجهد – ويحصل على أشياء معينة ، وهذا ينطبق على جميع العلاقات : علاقات العمل ، الصداقات ، الأسرة ، والعلاقات الرومانسية , عندما تكون العلاقة غير متكافئة من حيث هذه العطاءات ، حين يكون أي طرف ( لأي سبب كان ) على إستعداد لمواصلة العطاء دون الحصول على المقابل ، في حين أن الآخر على استعداد للاستفادة من ذلك بدون أن يُقدم مقابلاً لذلك ، فالعلاقة غالباً لن تدوم طويلا , ففي العلاقة الصحية يطور الطرفين التواصل بينهما على أساس التقارب والاحترام المتبادل ، والدعم العاطفي ، والصدق ، والثقة , وتتيح العلاقات الرومانسية الصحية لكلا الشريكين أن يشعروا بالإرتباط والدعم ، مع وجود مساحة من الاستقلالية لكل منهما , هذه العلاقات توازن إحتياجات الزوجين مع الإحتياجات الفردية لكل شريك ، فهناك مساحة للزوجين – الأنشطة والوقت الذي يقضيانه معا – وكذلك لكل شريك وقت لمتابعة إحتياجاته أو مصالحه الفردية ، والتوازن السليم بين إحتياجات الزوجين و إحتياجات كل فرد على حده يختلف في كل علاقة ويحتاج إلى التفاوض ووضع الحدود ، وفي نهاية المطاف ، يقرر الزوجان في العلاقة ما هو مقبول بالنسبة لهما وما هو غير مقبول.
أنماط العلاقة :
يتم تأسيس أنماط العلاقة في وقت مبكر من الحياة , فالعلاقات التي تشهدها مع والديك ، وأصدقائك ، وما إلى ذلك، تؤثر على طريقة تعاملك مع الآخرين ، ويكون لها تأثير عاطفي وتترك بصمة دائمة طوال حياتك ، على سبيل المثال ، تتأثر الطريقة التي تتعامل بها مع الآخرين بالطريقة التي تعامل بها والديك مع بعضهما البعض ، إذا كنت لا تدرك هذه الأنماط ولم تبذل جهود واعية لتغيير الأنماط غير الصحية منها فإنك سوف تميل إلى الاستمرار في تكرارها ، ربما يمكنك بسهولة أن تحدد الأنماط غير الصحية في علاقات الآخرين الذين تعرفهم ، لكن يجب عليك أيضاً تحديد أنماط علاقاتك وهذه خطوة هامة في مساعدتك على تقييم نوعية علاقاتك الحالية ، واختيار العلاقات الصحية والداعمة.
هذا الموضوع مترجم من موقع psychology today
للاطلاع على محتوى المادة الأصلية
ترجمة : زهراء الشهري